كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال الشاعر:
يومين غيمين ويومًا شمسًا

وقال الفراء: إن شئت قلت: في يوم في عصوف وإن شئت قلت: في يوم عاصف الريح، تحذف الريح؛ لأنها قد ذكرت قبل ذلك.
كقول الشاعر:
إذا جاء يوم مظلم الشمس كاسف ** أراد كاسف الشمس.

وقيل هو من نعت الريح غير أنه لما جاء بعد اليوم أتبع إعرابه كما قيل حجر ضب خرب ونحوه، وهذا مثل ضربه الله لأعمال الكافر يعني هم لا ينتفعون بأعمالهم التي عملوها في الدنيا؛ لأنهم أشركوا فيها كما أنّ الرماد الذي فرّقه الريح لا ينتفع به. فذلك قوله: {لاَّ يَقْدِرُونَ} يعني الكفار {مِمَّا كَسَبُواْ} في الدنيا {على شَيْءٍ} في الآخرة {ذلك هُوَ الضلال البعيد أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله خَلَقَ السماوات والأرض}.
قرأ أهل الكوفة إلاّ عامر: {خالق السماوات والأرض} على التعظيم.
وقرأ الآخرون: {خلق السماوات} على الفصل {بالحق} قال المفسرون: لم يخلقهما باطلا وإنما خلقهما لأمر عظيم.
{إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} يبدلكم أحسن وأفضل وأطوع منكم، {وَمَا ذلك عَلَى الله بِعَزِيزٍ} منيع متعذر {وَبَرَزُواْ للَّهِ جَمِيعًا} خرجوا من قبورهم وظهروا لله جميعًا، الاستقبال {فَقَالَ الضعفاء} يعني الأتباع {لِلَّذِينَ استكبروا} يعني المتبوعين من القادة {إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا} جمع تابع مثل حارس وحرس، وقيل: راصد ورصد ونافر ونفر، ويجوز أن يكون تبع مصدرًا سمي به أي كنا ذوي تبع.
{فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ الله مِن شَيْءٍ} أي هل أنتم ودافعون عذاب الله عنا، قال المتبوعين {قَالُواْ لَوْ هَدَانَا الله} إلى قوله: {مِن مَّحِيصٍ} مهرب ولا منجى، ويجوز أن يكون بمعنى المصدر وبمعنى الإسم.
يقال حاص فلان عن كذا أي فرّ وزاغ عنه يحيص حيصًا وحيوصًا وحيصانًا.
قال مقاتل: إنهم يقولون في النار تعالوا نجزع فيجزعون خمسمائة عام فلا ينفعهم الجزع. يقولون تعالوا نصبر فيصبرون خمسمائة عام فلا ينفعهم الصبر فحينئذ يقولون {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ وَقَالَ الشيطان} يعني إبليس {لَمَّا قُضِيَ الأمر} فرغ من الأمر فأدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار.
قال مقاتل: يوضع له منبر من نار فيرقاه ويجتمع الكفار عليه بالأئمة {إِنَّ الله وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحق} يوفى لكم {وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ} ولاية ومملكة وحجة وبصيرة {إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ} هذا من الاستثناء المنقطع مجازه لمن يدعونكم {فاستجبتم لِي فَلاَ تَلُومُونِي ولوموا أَنفُسَكُمْ} بإجابتي ومتابعتي من غير سلطان وغير برهان {مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ} بمعينكم {وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} بمغنيّ وبمغيثي.
قرأه العامة: بمصرخي بفتح الياء.
وقرأ الأعمش وحمزة: بكسر الياء، والأصل فيه بمصرخيين فذهبت النون لأجل الإضافة وأُدغمت ياء الجماعة في ياء الإضافة، فمن نصب فلأجل التضعيف ومن كسر فلالتقاء الساكنين حركت إلى الكسر؛ لأن الياء أُخت الكسرة {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ} أي لا يمكن أن أكون شريكًا لله فيما أشركتموني به من طاعتكم إياي واستهزأت من ذلك {إِنَّ الظالمين} الكافرين الواضعين للعباد الطاعة في غير موضعها {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
روى عتبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة قال: «يقول عيسى عليه السلام: ذلكم النبي الأُمي فيأتونني فيأذن الله لي أن أقوم فيثور مجلسي أطيب ريح شمها أحد حتى آتي فيشفّعني ويجعل لي نورًا من شعر رأسي إلى ظفر قدمي. ثم يقول الكفار: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فمن يشفع لنا؟ فيقولون: ما هو غير إبليس هو الذي أضلنا فيأتون فيقولون: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فقم أنت فاشفع لنا فإنك أضللتنا قال: فيقوم فيثور من مجلسه أنتن ريح شمها أحد ثم يعظم نحيبهم فيقول عند ذلك {إِنَّ الله وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحق وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ}».
{وَأُدْخِلَ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ} إلى قوله: {فِيهَا سَلاَمٌ} يسلم الله ويسلم الملائكة عليهم {أَلَمْ تَرَ} يا محمد يعني فإن الله يعلم بإعلامي إياك {كَيْفَ ضَرَبَ الله مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً} يعني ما بين الله شبهها {كَلِمَةً طَيِّبَةً} شهادة أن لا إله إلاّ الله: {كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ} وهي النخلة يدل عليه حديث عتيب الحجاب قال: كان أبو العالية أميني فأتاني يومًا في منزلي بعدما صليت الفجر فانطلقت معه إلى أنس بن مالك فدخلت عليه فجيء بطبق عليه رطب.
فقال أنس: كل يا أبا العالية فإنّ هذه من الشجرة التي قال الله في كتابه {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ الله مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً} كشجرة طيبة. ثم قال أنس أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقناع بُسر، فقرأ هذه الآية، ومعنى الآية: كشجرة طيبة الثمرة، فترك ذكر الثمرة استغناءً بدلالة الطعام عليه.
وقال أبو ظبيان عن ابن عباس: هذه شجرة في الجنة أصلها ثابت في الأرض وفرعها عال في السماء كذلك أصل هذه الكلمة راجع في قلب المؤمن بالمعرفة والتصديق والإخلاص.
وإذا تكلم بالشهادة تذهب في السماء فلا يكتب حتى ينتهي إلى الله تعالى. قال الله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكلم الطيب والعمل الصالح يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10].
وروى مقاتل بن حيان عن الضحاك عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنّ لله عمودًا من نور أسفله تحت الأرض السابعة ورأسه تحت العرش، فإذا قال العبد أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمدًا عبده ورسوله اهتز ذلك العمود، فيقول الله عزّ وجلّ: اسكن، فيقول: كيف أسكن؟ ولم تغفر لقائلها فيقول الرب: قد غفرت له فيسكن عند ذلك». فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أكثروا من هز ذلك العمود».
{تؤتي أُكُلَهَا} تعطي ثمرها {كُلَّ حِينٍ} اختلفوا في الحين.
فقال مجاهد وعكرمة وابن زيد: كل سنة.
قال عكرمة: أرسلت إلى عمر بن عبد العزيز إني نذرت أن أقطع يد رجل من هكذا سنة وحينًا، ما عندك فيه. قال ابن عباس: فقلت له: لا تقطع يده واحبسه سنة.
إنّ ابن عباس يقول: الحين حينان حين يعرف ويبدل وحين لا يعرف. فأما الحين الذي لا يعرف {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ} [ص: 88] وأما الذي يعرف {تؤتي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} فهو ما بين العام إلى العام المقبل.
فقال: أصبت يا مولى ابن عباس وأحسنت.
وقال سعيد بن جبير وقتادة والحسن: كل ستة أشهر ما بين عرامها إلى حملها.
وروى طارق بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه سئل عن رجل حلف ألاّ يكلم أخاه حينًا فقال: الحين سبعة أشهر، وقرأ هذه الآية.
فقال سعيد بن المسيب: الحين شهران؛ لأن النخلة لا يكون فيها أكلها إلاّ شهرين.
وقال الربيع بن أنس: كل حين كل غدوة وعشية، كذلك يصعد عمل المؤمن عن أول النهار وآخره، وهي رواية أبي ظبيان عن ابن عباس.
قال الضحاك: كل ساعة ليلا ونهارًا، شتاءً وصيفًا يؤكل في جميع الأوقات. كذلك المؤمن لا يخلو من الخير في الأوقات كلها.
وقرأ أبو الحكم في تمثيل الله الإيمان بالشجرة فهي أن الشجرة لا تكون شجرة إلاّ بثلاثة أشياء عودراسخ وأصل قائم وفرع عال. كذلك الإيمان لا يتم ولا يقوم إلاّ بثلاثة أشياء تصديق بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالأبدان.
يدل عليه ما روى جعفر بن محمد عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإيمان تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالإيمان».
لحميد الطويل عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا إن مثل هذا الدين مثل شجرة ثابتة، الإيمان أصلها، والزكاة فرعها، والصيام عروقها، والداعي في الله نباتها، وحسن الخلق ورقها، والكف عن محارم الله خضرتها، فكمالا يكمل هذه الشجرة إلاّ بثمر طيبة، لايكمل الإيمان إلاّ بالكف عن محارم الله».
والحكمة في تشبهها إياه باللحنطة من بين سائر الأشجار أنها لما كانت أشبه الأشجار بالانسان شبهت به وذلك أن كل شجرة إذا قطع رأسها تشعبت بالغصون عن جوانبها والنخلة إذا قطع رأسها يبست وذهب أصلها؛ ولأنها تشبه الإنسان وسائر الحيوانات في الإلقاح؛ لأنها لا تحمل حتى يلقح.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خير المال سكة مأبورة ومهدة مأمورة».
ومنه حديث ابن عمر: إنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم لأصحابه: «إن شجرة من الشجر لا يطرح ورقها وهي مثل المؤمن فأخبرني ما هي؟» قال: فوقع الناس في شجر البوادي ووقع في نفسي أنها النخلة ثم نظرت فإذا أنا أصغر القوم فاستحييت وسكت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هي النخلة» فذكرت ذلك لأبي فقال: «يا بني لو كنت قلتها لكانت أحبّ إليّ من فضلة؛ لأنها من شجرة آدم».
يروى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أكرموا عمتكم» فقيل ومن عمتنا يا رسول الله؟ قال: «النخلة» وذلك أنّ الله تعالى لما خلق آدم فصلت من طينهِ فصلة فخلق منها النخلة قال الله: {وَيَضْرِبُ الله الأمثال لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}، {وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ} وهي الشرك {كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ} هي الحنظلة.
قال ابن عباس: هذا مثل ضربه الله ولم يخلق هذه الشجرة على وجه الأرض.
{اجتثت} اقتلعت. قال ابن عباس، والسدي: استرخت.
الضحاك: استوصلت. المؤرخ: أخذت حيث ما هي يقينًا {مِن فَوْقِ الأرض مَا لَهَا مِن قَرَارٍ} كذلك الكافر لا خير فيه ولا يصعد له قول طيب ولا عمل صالح {يُثَبِّتُ الله الذين آمَنُواْ بالقول الثابت} يحقق الله إيمانهم وأعمالهم بالقول والتثبيت، وهو شهادة أن لا إله إلاّ الله: {فِي الحياة الدنيا وَفِي الآخرة} يعني في القبر، وقيل: في الحياة في القبر عند الله تعالى وفي الآخرة إذا بعث.
مقاتل: ذلك أنّ المؤمن إذا مات بعث الله إليه ملكًا يقال له: رومان فيدخل قبره فيقول له: إنه يأتيك الآن ملكان أسودان فيسألانك من ربك ومن نبيك وقادتك فأجبهما بما كنت عليه في حياتك، ثم يخرج فيدخل الملكان وهما منكر ونكير أسودان أزرقان فظان غليظان أعينهما كالبرق الخاطف وأصواتهما كالريح العاصف معهما مهزبة، فيقعدان ويسألانه لا يشعران بدخول رومان فيقول ربي الله ونبيي محمد وديني الإسلام، فيقولان له عند الله سعيد ثم يقولان: اللهم فأرضهِ كما أرضاك، ويفتح له في قبره باب من الجنة يأتيه منها التِحَف، فإذا انصرفا عنه قال له: نَمْ نومة العروس، فهذا هو التثبيت {وَيُضِلُّ الله الظالمين} يعني يلعنهم وذلك أنّ الكافر إذا دخل عليه الملكان قالا له: من ربك وما دينك ومن نبيك؟ قال: لا أدري.
قالا له: لا دريت ولا هديت عشت عصيا ومتّ شقيًا، ثم يقولان له نم نومة المنهوس ويفتح من قبره باب من جهنم ويضربانه ضربة بتلك المرزبة فيشهق شهقة يسمعها كل حيوان إلاّ الثقلان ويعلنه كل من يسمع صوته فذلك قوله: {وَيَلْعَنُهُمُ اللاعنون} [البقرة: 159].
روى البراء بن عازب «أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر قبض روح المؤمن فقال: فيعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه في قبره، ويقولان من ربك وما دينك ومن نبيك؟ فيقول: ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد، وينتهرانه ويقولان الثانية من ربك وما دينك ومن نبيك؟ وهو آخر أسئلة الملكان فيثبته الله فيقول ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم فينادي مناد في السماء أن ثبت عبدي» فنزل قوله تعالى: {يُثَبِّتُ الله الذين آمَنُواْ} الآية.
وقال ابن عباس في هذه الآية: إنّ المؤمن إذا حضره الموت شهدته الملائكة فسلموا عليه وبشروه بالجنة فإذا مات مشوا مع جنازته وصلوا عليه مع الناس، فإذا دفن جلس في قبره فيقال له من ربك؟ فيقول ربي الله. فيقال له من رسولك؟ فيقول محمد. فيقال له ما شهادتك؟ فيقول أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمدًا رسول الله فيوسع له في قبره حد بصره، وذلك قوله يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
وروى أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فقال: «يا أيها الناس إنّ هذه الأُمة تبتلى في قبورها فإذا الإنسان دفن ويتفرق عنه أحباؤه جاءهُ ملك بيده مطراق فأقعده فقال: ما تقول في هذا الرجل؟ فإن كان مؤمنًا قال: أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله. فيقول له: صدقت فيفتح له باب إلى النار فيقال له: هذا منزلك كان لو كفرت بربك، فأما إذا آمنت به فإنّ الله أبدلك به هذا ثم يفتح له باب إلى الجنة فيريد أن ينهض له فيقال له اسكن ثم يفتح له في قبره، وأما الكافر أو المنافق فيقال له ما تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، فيقال له: لا دريت ولا تليت ولا اهتديت ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقال له: هذا كان منزلك لو آمنت بربك، فأما إذا كفرت فإنّ الله أبدلك به هذا ثم يفتح له باب إلى النار ثم يقمعه الملك بالمطراق قمعة يسمعه خلق الله كلهم إلاّ الثقلين».
قال بعض أصحابه: يا رسول الله ما منا من أحد يقوم على رأسه ملك بيده مطراق إلاّ هِيْل جزعًا لذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {يثبت الله الذين آمنوا} الآية.
وقال أبو هريرة: إن الميت يسمع خفق نعالهم حتى يولون عنه مدبرين وإن كان مؤمنًا كانت الصلاة عند رأسه والزكاة عن يمينه والصيام عن يساره وفعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف فيصلي الناس عند رجليه فيؤتى من عند رأسه فيقول للصلاة: أقبلي فتدخل فيؤتى من يمينه فيقول الزكاة اقبلي فتدخل، فيؤتى عن يساره فيقول الصيام قبلي يدخل صوتي من عند رجليه فيقول فعل الخيرات اقبلي فتدخل، فيقال له: اجلس فيجلس قد مثلت له الشمس وقد دخل الغروب، فيقال له: أخبرنا عما نسألك. فيقول: دعوني حتى أُصلي فيقال إنك ستفعل، فأخبرنا عما نسألك عنه فيقول وعم تسألونني؟ فيقال أرأيت هذا الرجل الذي كان فيكم ما نقول فيه وماذا شهد عليه، فيقول أمحمد؟ فيقال: نعم، فيقول: أشهد إنه لرسول الله قد جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه، فيقال له: على ذلك حييت وعلى ذلك مت وعلى ذلك تبعث إن شاء الله، ثم يفتح إليه في قبره سبعون ذراعًا وينوّر له فيه، ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقال له: أنظر إلى ما أعد الله لك فيها فيزداد غبطة وسرورًا، ثم يفتح له باب إلى النار فيقال له: انظر إلى ما صرف الله عنك لو عصيته، فيزداد غبطة وسرورًا، ثم يجعل نسمه في النسيم الطيب، وهي طير خضر تعلق بشجر الجنة ويعاد جسده إلى ما بدئ منه من التراب، وذلك قوله: {يُثَبِّتُ الله الذين آمَنُواْ} إلى قوله: {وَفِي الآخرة}.
وعن أبي نافع قال: «بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي بغدير وأنا أمشي خلفه فقال صلى الله عليه وسلم: لا هديت لا هديت ثلاثًا».
قال أبو نافع قلت: يا رسول الله مالي؟ قال: «ليس إياك أُريد، وإنما أُريد صاحب هذا القبر، يُسأل عني فيزعم أنه لا يعرفني فإذا هو قبر قد رشّ عليه الماء حين دفن صاحبه».
وأخبرنا أبو القاسم السلمي عن أبي الطيب محمد بن علي الخياط يقول: سمعت سهيل بن جابر العتكي يقول: رأيت يزيد بن عثمان بعد موته في المنام، فقلت له ما فعل الله بك فقال: إنه أتاني في قبري ملكان فظان غليظان فقالا من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فأخذت بلحيتي البيضاء وقلت لهما ألمثلي يقال هذا وقد علمت الناس جوابكما ثمانين سنة فذهبا وقالا أكتبت عن جريز بن عثمان؟ قلت: نعم. قالا: إنه كان يبغض عليًا فأبغضه الله. اهـ.